نظمت كلية العلوم الزراعية والغذائية (FAFS) في الجامعة الأميركية في بيروت (AUB)، مسيرة “سفالبارد من أجل الصمود في وجه تغيّر المناخ وتأثيره على الأمن الغذائي”، وذلك بهدف التأكيد على أهمية العمل والمبادرة لبناء المرونة قي مواجهة تغيّر المناخ من خلال الحفاظ على التنوّع البيولوجي للمحاصيل. أُقيمت المسيرة بالتعاون مع حكومة النرويج والمركز الدولي للبحوث الزراعية في المناطق الجافة- إيكاردا (ICARDA)، وبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي (UNDP) ومنظمة الأغذية والزراعة (FAO)، في إطار الاحتفال بالخطوة الأولى للمسيرة القطبية التي قام بها مايكل حداد، سفير برنامج الأمم المتحدة الإنمائي الإقليمي للنوايا الحسنة من أجل العمل المناخي.
استندت المسيرة على حدثٍ مهم تشهده النرويج، ألا وهو افتتاح موسم الصيف السنوي لمخزن سفالبارد العالمي للبذور، والذي يقام للسنة الثانية لتخزين البذور السنوية، وذلك خلال الأسبوع الممتد من 6 إلى 12 حزيران 2022، حيث يتم استلام البذور من جميع أنحاء العالم، وتسليط الضوء على المخاطر التي يشكلها تغيّر المناخ على أمننا الغذائي العالمي. ولقد نجح “مايكل حداد” خلال الفترة الممتدة من 4 إلى 10 حزيران، في تحقيق إنجازٍ وتحدي جسدي مليىء بالصعوبات، حيث قطع مسافة 5 كلم سيراً على الأقدام، في سفالبارد في النرويج، على بعد حوالي 1300 كلم جنوب القطب الشمالي، باتجاه مخزن سفالبارد العالمي الشهير في الدائرة القطبية الشمالية، وقام بتسليم مجموعة من البذور تم تجميعها من 12 بلد عربي، مقدمة من المركز الدولي للبحوث الزراعية في المناطق الجافة- إيكاردا. وحمل حداد، خلال مسيرته طبعة خاصة من كتاب “لماذا أنت خائف.. لايزال لديك إيمان؟”، التي باركها البابا فرنسيس، وهو الكتاب الذي يوثق لحظات استثنائية من الصلاة التي ترأسها البابا في آذار 2020، خلال ذروة انتشار جائحة كوفيد-19. وقد تم تسليم الكتاب إلى متحف سفالبارد، لحفظه وعرضه بشكل آمن، كبذرة رمزية للأمل يجب الحفاظ عليها، من أجل الأجيال القادمة ولتشكل مصدر إلهام وتفاؤل وتشجع على العمل التضامني لمواجهة أزمة المناخ.
عانى مايكل من الشلل من الصدر إلى أسفل الجسم منذ عمر السادسة، وقيل له أنه لن يستطيع المشي مجدداً، لكنه أنجز هذا التحدي من خلال مسيرته الرمزية متحدياً الصعوبات، بمساعدة هيكل خارجي بسيط صُمم خصيصاً له لإبقائه في وضع مستقيم، مستخدماً العكازات للمشي ومعتمداً على آلية “الخطوة من خلال المشي” الفريدة من نوعها، التي عمل على ابتكارها لكي يصبح بإمكانه التنقل بشكل مستقل. كافح مايكل في مواجهة الظروف المناخية القاسية طوال هذه الرحلة، وبذل جهداً بدنياً استثنائياً للحفاظ على جسمه دافئاً. وعلى مدار العامين الماضيين، رافق مايكل مجموعة من العلماء من كلية العلوم الزراعية والغذائية في الجامعة الأميركية في بيروت، وعملوا معه بشكل مستمر لتحسين أدائه العام بشكلٍ كبير.
شارك كلٍ من الدكتور عمر عبيد، أستاذ ورئيس قسم التغذية والعلوم الغذائية في الجامعة الأميركية في بيروت، ورامي الحسيني، مسؤول التواصل في الشبكة العالمية الخاصة بلبنان في الجامعة الأميركية في بيروت واخصائي تغذية معتمد، في المسيرة إلى جانب مايكل حداد، وذلك بهدف جمع البيانات الفسيولوجية والأداء باستخدام أجهزة مراقبة درجة حرارة الجسم الأساسية، كجزء من دراسة حالة سريرية تتعلق بالرياضيين المصابين بإصابات في النخاع الشوكي.
وقبل انطلاق المسيرة، استضافت كلية العلوم الزراعية والغذائية (FAFS) في الجامعة الأميركية في بيروت وشركائها، حفل إطلاق مسيرة “سفالبارد من أجل الصمود في وجه تغيّر المناخ وتأثيره على الأمن الغذائي”، وذلك بتاريخ 1 حزيران 2022 في قاعة محاضرات المعماري في حرم الجامعة، والذي جمع أصحاب المصلحة الرئيسيين من الهيئات الحكومية والمؤسسات الدولية والأوساط الأكاديمية والقطاع الخاص، لدرس العلاقة بين تغيّر المناخ والزراعة والمياه وإنتاج الغذاء والأمن الغذائي. حضر الحفل سفير النرويج في لبنان مارتن يترفيك، نائب رئيس البعثة النرويجية سفين رولدسن، رئيسة التنسيق التنموي النرويجي ماري جريبوستاد، إلى جانب سفيرة كندا في لبنان هيلاري تشايلدز-آدمز، سفيرة إيطاليا في لبنان نيكوليتا بومباردييري، ومسؤولة العلاقات الخارجية في السفارة الأميركية في لبنان كريستينا هايدن، والممثلة المقيمة لبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي ميلاني هاونشتاين.
وهدف المؤتمر إلى تسليط الضوء على أهمية الحفاظ على التنوع البيولوجي للمحاصيل العالمية، وشرح الآثار والتهديدات التي يشكلها تغيّر المناخ على الإنتاجية الزراعية والأمن الغذائي، والتأكيد على الإجراءات اللازمة لبناء قدرة النظم الغذائية الزراعية على الصمود في مواجهة تغيّر المناخ. كما ركز المؤتمر على المنطقة العربية كمثال على ذلك، حيث يرتفع متوسط درجات الحرارة فيها بوتيرة أسرع من المتوسط العالمي، وتُعد ندرة المياه والاعتماد على الواردات الغذائية، بما في ذلك المواد الغذائية الأساسية، من بين أعلى المعدلات في العالم وما زالت تتزايد.
يُعتبر الجانب التعاوني للمشروع نموذجياً، لا سيما فيما يتعلق بجدول أعمال الأمم المتحدة للاستدامة تحت عنوان “الشراكات من أجل الأهداف”، وخاصة الهدف 17 من أهداف التنمية المستدامة. ولطالما أدركت الجامعة الأميركية، انطلاقاً من مكانتها وموقعها كمؤسسة رائدة في مجال التعليم العالي، أهمية الدور الذي يمكنها القيام به فيما يتعلق بدمج أهداف التنمية المستدامة (SDGs) في كل من المناهج والحوكمة، ما يجعل هذا المشروع قصة نجاح أخرى تجمع بين العلم والأخلاقيات.