يختلف العدد 133 (شتاء 2023) من “مجلة الدراسات الفلسطينية” عمّا سبقه من أعداد لجهة ترتيب الأبواب فيه. وليس الأمر شكلياً، بل لكي يتساوق الشكل مع المضمون، وهو ما بيّنته افتتاحية العدد التي تقول “آثرنا أن نرسم في هذا العدد مخططاً مختلفاً عن أعدادنا السابقة كلها، فبدلاً من محورته حول ملف واحد، أو الحفاظ على نظامه التقليدي المؤلف من مقالات ودراسات ومداخل وقراءات… استنبطنا شكلاً جديداً يستجيب لضغط الأحداث من جهة، ويتلاءم مع تصورنا لضرورة أن تكون الكلمة فعلاً، من جهة أُخرى.”
فأي ضغط هو أكبر من انتخابات إسرائيلية كشفت ما تبقى من ستر غطّى لعقود عورة المجتمع الدولي المتمثلة بإسرائيل التي أُنشئت على أرض فلسطين بعد طرد أهلها؟؛ فها هم غلاة المتطرفين العنصريين الترانسفيريين المستعمرين يحكمون بغطرسة تحت أنظار العالم، وعن هذا التطور المتوقع كان محور “الانتخابات الإسرائيلية” وهو أول محور في العدد، وكتب فيه كل من أنطوان شلحت ورندة حيدر ورازي نابلسي.
أمّا فلسطينياً، فخلال 10 أشهر من سنة 2022، سُجّل تقرير أُعد لـ “مجلة الدراسات الفلسطينية” سقوط 188 شهيداً، ومئات الجرحى، وعشرات المعتقلين، خلال اعتداءات إسرائيلية غير مسبوقة، لم تُفرق بين صحافي ومدني وقاذف حجارة وفدائي ورجل وامرأة ومسن وطفل؛ لكن ما ميّز سنة 2022، هو نهوض شبابي تمثل بتأسيس مجموعات مقاوِمة مُكونة من عناصر تنتمي إلى فصائل أو مستقلة، تجمعها إرادة مواجهة الاحتلال؛ فكانت ثورة “عرين الأسود” في نابلس، و”كتيبة جنين” في جنين، وأبطال مثل عُدي التميمي الذي استشهد وهو يُطلق آخر رصاصة من مسدس فردي في مواجهة جيش إسرائيلي جرّار. عن هؤلاء كان المحور الثاني “عرين فلسطين” الذي كتب فيه كل من: عبد الجواد عمر، ومهند عبد الحميد، وسعيد أبو معلا، وعبد الباسط خلف، ويامن نوباني.
وللأسرى حق في كل وقت، فهم ضمير فلسطين الحاضر الدائم، وفي هذا العدد كان لهم محور “السجين والجلّاد” الذي كتب فيه كل من: الياس خوري، وعبد الرحيم الشيخ، ومشهور البطران، وأشجان عجّور، وفيه أيضاً مقابلة مع الأسير المحرر شادي الشرفا أجراها مهند عبد الحميد.
أما غلاف العدد فتصدرته لوحة رسمها الأسير المناضل المثقف وليد دقّة. وكذلك، تصدرت محور “عرين فلسطين” لوحة رسمها الأسير المحرر حافظ عمر، والتي صوّر فيها مراحل استشهاد عُدي التميمي.
باب مداخل كتب فيه فيصل درّاج بعنوان “إرهاب صهيوني وقيادة فلسطينية خامدة”، وميشال نوفل “عندما تقع أميركا في ‘فخ توسيديدس'”، وزياد ماجد “برغماتية حزب الله خارجياً وصرامته داخلياً”. واقتصرت باقي الأبواب على “فسحة” كتبت فيها ناهد جعفر “تِكِشْبيلا تِوِلِّيُولا” عن نكبة المورسكيين في إسبانيا بعد سقوط الأندلس؛ ومقالة ليانة بدر “ذكريات عدسة تصوير”.