قفزات… متواضعة
ننتقل إلى رئيس تجمّع الصناعيين في البقاع، نقولا أبو فيصل، الذي أشار بداية في حديث لـ»نداء الوطن» إلى ارتفاع قيمة الصادرات اللبنانية إلى الخارج في السنوات الأخيرة بشكل ملموس، على تواضعه نسبياً، بالرغم من الظروف الصعبة التي تواجه قطاعات الإنتاج كافة. وقد كان، بحسب رأيه، للدبلوماسية الاقتصادية مساهمة أساسية في ذلك عبر الترويج للمنتجات اللبنانية وخلق روابط تجارية بين المصدّرين والمستوردين وتذليل المعوقات التجارية واللوجستية. إلا أن المساهمات بقيت في إطار المبادرات الفردية دون وجود خطة مركزية رؤيوية تنضوي تحتها مختلف الوزارات والإدارات المعنية بتشجيع الصادرات وجذب الاستثمارات الخارجية. «من المنتظر أن تحمل خطط الحكومة للنهوض الاقتصادي رؤية واضحة لدعم القطاعات الإنتاجية، ونأمل أن تُترجم من خلال خطة عمل مركزية تكون الدبلوماسية الاقتصادية إحدى أدواتها»، يقول أبو فيصل.
الملحقون الاقتصاديون يعملون في ظروف صعبة فرضتها الأزمة الاقتصادية الداخلية وفاقمتها الأزمات الدولية المتتالية، بحيث تحوّل عملهم إلى الجانب الإغاثي بالتعاون مع الهيئات المحلية والجاليات اللبنانية في دول اعتمادهم، كما يضيف: «لقد نشط هؤلاء في نسج شبكات اغترابية قوامها أبناء الجاليات اللبنانية ورجال أعمال مهتمّون بالعمل مع لبنان ما ساهم في فتح الأسواق أمام المنتجات اللبنانية وتأمين فرص عمل للبنانيين وخلق شراكات تجارية مع شركات لبنانية. وقد أرست هذه التجارب في معظمها آليات عمل نموذجية في الشراكة بين القطاعين العام والخاص».
البحث عن حلول
نسأل إن كانت إعادة الملحقين للعمل من داخل الإدارة المحلية خطوة صائبة، فيردّ أبو فيصل: «تبلغ الكلفة الإجمالية لتعيين الملحقين الاقتصاديين مليوني دولار سنوياً وهي لا تشكّل أكثر من 3% من مجموع رواتب السلك الدبلوماسي. كما أن طبيعة عملهم تتطلب عناصر بشرية متخصصة في الشؤون الاقتصادية من ذوي الخبرة في المجالات التجارية قد لا تكون متوفرة لدى موظفي الملاك. أما فكرة استدعائهم إلى الإدارة المركزية، فهي غير مضمونة النتائج وستؤدي حكماً إلى إضعاف شبكات العلاقات التي نسجها الملحقون في بلدان اعتمادهم وإلى تراجع أدائهم وفعاليّتهم»، على حدّ تعبيره.
الحل من وجهة نظره يكمن في تفعيل الدبلوماسية الاقتصادية من خلال عدد من الإجراءات، أبرزها: وضع خطة عمل مركزية للدبلوماسية الاقتصادية من قِبَل وزارة الخارجية والمغتربين والوزارات والإدارات المعنية بالقطاعات الإنتاجية وهيئات القطاع الخاص، تُحدَّد بموجبها الأسواق التي يجب العمل على تنمية العلاقات التجارية معها والسلع التي يجب الترويج لها والأدوات التي يمكن استخدامها في تطبيق هذه الخطة.
وبما لا يقل أهمية، يتعيّن بحسب أبو فيصل إعادة النظر في خارطة انتشار الملحقين الاقتصاديين بناء على معايير اقتصادية موضوعية تعطي الأفضلية للأسواق الجديدة وتأخذ بالاعتبار القدرة التنافسية للسلع والخدمات اللبنانية. أضف إلى ذلك تعزيز دور مديرية الشؤون الاقتصادية في وزارة الخارجية لمواكبة عمل الملحقين في الخارج والتنسيق مع الإدارات الرسمية وهيئات القطاع الخاص في لبنان. ويختم بالإشارة إلى وجوب تأمين انتظام الوضع الوظيفي للملحقين عبر تثبيتهم في ملاك وزارة الخارجية التي هي بحاجة إلى خبراتهم للارتقاء بعملها في مجال الدبلوماسية الاقتصادية وتعزيز كوادرها البشرية، ما يؤمن الاستدامة لخطط الوزارة مستقبلاً.