التحديات والمصاعب التي شهدتها منطقتنا خلال السنوات الأخيرة ألقت بظلالها على مختلف القطاعات الاقتصادية، الا أنها في نفس الوقت أبرزت قدرة المؤسسات الوطنية ليس على تحدي هذه المصاعب فحسب بل ايضاً تحقيق إنجازات لافتة شكلت قواعد متينة للمضي قدماً في تحسين الأداء الاقتصادي واستمرار مواكبته لمختلف التطورات المحلية منها والعالمية.
ومن بين هذه المؤسسات برز الدور الريادي للبنك المركزي الأردني الذي استطاع بسياساته الحكيمة أن يحافظ على الاستقرار النقدي وان يعزز دعائم الاستقرار الاقتصادي.
فوفقاً لآخر البيانات المنشورة ارتفعت الاحتياطيات الأجنبية إلى مستوى قياسي جديد عند 20.4 مليار دولار في نهاية شهر تشرين الأول 2024، وهي بذلك تغطي مستوردات المملكة من السلع والخدمات لأكثر من ثمانية شهور.
أما معدل التضخم فقد شهد استقرارا وانخفاضاً خلال الارباع الثلاثة الأولى من هذا العام حيث بلغ وفقا لاحدث البيانات 1.6%.
كما اثبتت سياسة البنك المركزي في ربط الدينار بالدولار كفاءتها وقدرتها على ضمان ثبات سعر صرف الدينار الأردني لفترة تقارب ثلاثة عقود، وهكذا فقد استطاع البنك المركزي الحفاظ على الاستقرار النقدي وعلى جاذبية الودائع بالدينار الاردني وعلى سعر صرف الدينار وذلك من خلال مواكبته للتطورات في الاسواق النقدية العالمية واتخاذه للإجراءات اللازمة في التوقيت المناسب.
كما استطاع البنك المركزي الحفاظ على متانة الجهاز المصرفي عبر مبادراته العديدة ومن أحدثها عقد اجتماعات منفصلة مع كامل أعضاء مجلس إدارة كل بنك من البنوك المحلية على حدة بحضور مدير عام البنك وبرئاسة المحافظ وحضور نائبيه وفريق العمل المختص من البنك المركزي يجري خلاله حوارمعمق وثري وذلك بهدف التواصل لغايات التأكيد على سلامة الامتثال والحاكمية والمؤشرات والكفاءة المالية للمصارف.
كما عقد تمرينًا تفاعليًا لاختبار جاهزية المؤسسات المالية في مواجهة التهديدات السيبرانية.
ولغايات تعزيز الشفافية ونشر البيانات فقد أشارت النشرة الإحصائية الشهرية الصادرة عن البنك لتطورات التجارة الخارجية الى ارتفاع الودائع البنكية بنسبة 7.1% على أساس سنوي، لتصل إلى 46.3 مليار دينار نهاية أيلول 2024، كما ارتفعت التسهيلات الائتمانية الممنوحة من البنوك بنسبة 4.3% على أساس سنوي، ليصل إجماليها إلى 34.7 مليار دينار، وتؤكد مؤشرات السلامة المالية صلابة القطاع المصرفي الأردني، حيث بلغت نسبة كفاية رأس المال 17.6%، ومعدل السيولة القانونية 138.8%، متجاوزة بذلك النسبة القانونية المطلوبة البالغة 100%.
ولم تقتصر جهود البنك المركزي على جانب السياسة النقدية فقد كان له دور أساسي في مواجهة العديد من التحديات التي واجهت الاقتصاد الأردني بما فيها تداعيات جائحة كورونا.
وتم تبني عدد من البرامج الهادفة الى تعزيز التعافي الاقتصادي والحفاظ على النمو بما فيها برنامج تمويل ودعم القطاعات الاقتصادية وخاصة المشاريع المتوسطة والصغيرة بأسعار فائدة متدنية.
كما تم أيضاً تبني البرنامج الوطني للتشغيل الذاتي بقيمة 100 مليون دينار بهدف تمكين الشباب من إقامة مشاريع تنموية تحقق لهم مصدر دخل دائم وتوفر لهم فرص عمل بكلف وشروط ميسرة.
قيام البنك المركزي الأردني بمتابعة التطورات الاقتصادية والمالية على المستويات المحلية والإقليمية والدولية، واتخاذ الإجراءات اللازمة وفي التوقيت المناسب انعكس على نجاح الجهود التي بذلها في الحفاظ على الاستقرار النقدي ونسبة متدنية من التضخم واحتياطيات اجنبية مناسبة ترفع منسوب الثقة في الاقتصاد الأردني وتشكل حافزاً لتشجيع الاستثمار ودعم بيئة اقتصادية تعزز النمو الاقتصادي وقاعدة لمزيد من النجاحات التي تساهم في توليد فرص العمل ورفع مستوى معيشة المواطنين.
