الكيان الصهيوني أمام منصة القضاء الدولي بقلم د. مصطفى يوسف اللداوي

في ظلال طوفان الأقصى “41”

الكيان الصهيوني أمام منصة القضاء الدولي

بقلم د. مصطفى يوسف اللداوي

قد لا يؤمن البعض بالمؤسسات الدولية، وقد يستخفون بمحكمة العدل ولا يرجون منها خيراً، ولا يتوقعون منها عدلاً، ويعتبرون اللجوء إليها مضيعةً للوقت واستنزافاً غير مجدٍ للجهد، وقد يكونون على حقٍ في رأيهم، فهي في نظرهم لا تختلف عن أيٍ من مؤسسات الأمم المتحدة ومجلس الأمن الدولي، التي تخضع كلها للنفوذ والهيمنة الأمريكية البريطانية، التي تتدخل في قرارتها وتعيين قضاتها، وتفرض أجندتها، وتثبت فيها وتشطب منها ما تريد، وتمارس الضغوط على قضاتها، وتتحكم في مسارات القضايا قبولاً أو رفضاً للشكل والمضمون، وتبتزها بالمساهمات المالية لترغمها على الخضوع لها والالتزام بسياستها ومحدداتها.

لكن على الرغم من النماذج السيئة التي تظهرها المؤسسات الدولية بما فيها محكمة العدل، والقرارات الاستنسابية التي تصدرها، والازدواجية الفاضحة في قراراتها وسير تحقيقاتها، وغياب المهنية والشفافية في الملفات المرفوعة إليه، وخضوعها للسياسة على حساب القانون، فإن لمحكمة العدل الدولية التي يعترف بها الكيان الصهيوني، سابقة قضائية مهمة ولافتة، إذ دانته في تموز من العام 2004، عندما نظرت في شرعية جدار العزل الذي بنته الحكومة الإسرائيلية وفصلت بين مناطق الضفة الغربية والقدس، واعتبرته شكلاً من أشكال العنصرية، وطالبت بإزالته، كما اعتبرت المستوطنات الإسرائيلية المشادة على أراضي الضفة الغربية مستوطناتٍ غير شرعيةٍ، ودعت إلى تفكيكها، والانسحاب من الضفة الغربية التي اعتبرتها أرضاً محتلة.

وانطلاقاً من قاعدة أنه ينبغي أن نقاوم العدو الإسرائيلي بكل الوسائل الممكنة والمتاحة، وألا نستخف بأي وسيلةٍ مهما كانت بسيطة أو شكلية، وألا ندخر أي شكلٍ من الأشكال التي من شأنها فضح العدو وكشف حقيقته، وتسليط الضوء على عدوانه وإبراز جرائمه، فإنه من الكياسة والحكمة والعقل المضي في هذه المحاكمة ودعمها ومساندتها، وتأييد دولة جنوب أفريقيا في خطوتها الرائدة الشجاعة، فقد يصدر عن هيئة المحكمة سابقة قضائية قانونية جديدة، نستطيع أن نبني عليها، وأن نواصل محاكمة الكيان الصهيوني بموجبها، علماً أن الذي يمثل تحت قوس العدل الدولية، ليس فقط الكيان الصهيوني، وإنما يمثل معها حلفاؤها الكبار كالولايات المتحدة الأمريكية وبريطانيا، الذين سيدانون بإدانة ربيتهم المدللة وصنيعتهم المضلة.

بعيداً عن قرار المحكمة وأياً يكن، مؤيداً القضية الفلسطينية أو ضدها، ومنصفاً للشعب الفلسطيني أو ظالماً له، فإن مجرد مثول الكيان الصهيوني بتهمة الإبادة الجماعية أمام المحكمة التي يفتخر بأنها أنصفت الشعب اليهودي وأيدته، وناصرته في قضيته، وحاكمت المتورطين في محرقته، ونظرت في نفس المسألة المرفوعة اليوم أمامها، وهي الإبادة الجماعية التي يدعي أن اليهود قد تعرضوا لمثلها وعانوا بسببها، فوقف المجتمع الدولي معهم وأيدهم، وما زال يدفع لكيانه تعويضاً لهم وتكفيراً عما ارتكبه بعض قادتهم ضدهم، إلا أنها اليوم تمثل أمام ذات المحكمة وبذات التهمة التي حاكمت بها المجتمع الدولي.

كما أن جلسات المحكمة تبث على الهواء مباشرة لأكثر من ثلاثين ساعة متوالية بلغات العالم أجمع، وهي تستمع إلى مرافعة محامي دولة جنوب أفريقيا الذين أعدوا عدتهم، وحضروا ملفاتهم، واستعدوا لجلسات المحكمة بالصوت والصورة التي حاول قادة الكيان الصهيوني أن يخفوها ويطمسوها، وأن يغيروها ويزوروها، مما سيتيح للعالم كله أن يرى الجريمة الإسرائيلية بحق الشعب الفلسطيني بالصورة الموثقة والصوت والدليل والبرهان، ليقف العالم الذي يدعي الإنسانية والحضارة على مسؤولياته القانونية والأخلاقية والإنسانية.

ولولا أن العدو الصهيوني يدرك أهمية هذه المحكمة وخطورة قراراتها، ومدى تأثيرها على صورته ومصداقيته، وأنها قد تكشف للعالم كله ولمستوطنيه حقيقة جرائمه، وفداحة ما ارتكبه جيشه ضد الشعب الفلسطيني، وأنه فعلاً قد ارتكب مجازر جماعية ونفذ جرائم إبادة ضد البشرية بقصدٍ ونيةٍ مبيتة، وأنه تعمد تنفيذ جرائمه وفق مخططاته القديمة والجديدة، وأنه قد يدان ويفضح، ويقدم للمحاكما ويعاقب، ولهذا قرر تكليف عددٍ من كبار محاميه ورجال القانون الإسرائيليين والدوليين للدفاع عنه، ورد الاتهامات الموجهة ضده.

كما أن حلفاءه الدوليين كالولايات المتحدة الأمريكية وبريطانيا، بدأوا يتحسسون الخطر من قرارات المحكمة، ولهذا صبوا جام غضبهم عليها، واتهموا قضاتها، وشككوا في اختصاصاتها، ونفوا التهمة ابتداءً عن الكيان الصهيوني، واعتبروا أن هذه المحاكمة باطلة قانوناً وفاسدة حكماً، وأنه لا يجوز محاكمة الكيان الصهيوني بتهمة الإبادة وهو الذي يدافع عن سلامته وأمن مستوطنيه ويتعرض من محيطه لها.

في الوقت الذي نشكر فيه جميعاً دولة جنوب أفريقيا، ونشيد بشجاعتها وجرأتها وأخلاقها وإنسانيتها، فإننا نهيب بكل الأنظمة العربية والإسلامية، والمؤسسات الدولية والأممية الحقوقية، أن تقف إلى جانب الشعب الفلسطيني في هذه القضية، فهي لا تكلفهم دماً أو مالاً، ولا تضحيةً أو عناءً، وإنما تكلفهم دعماً ومساندة، وثقةً وإيماناً بعدالة القضية الفلسطينية ومظلومية شعبها.

إن أي سلاحٍ يوجع العدو الإسرائيلي ويؤلمه هو سلاحٌ جادٌ وفاعلٌ، فلا نفرط فيه ولا نستهين به، فقد تكون آثاره المرجوة ونتائجه المأمولة نقطة تحولٍ في الضمير الدولي نحو وقف الحرب والعدوان الإسرائيلي على قطاع غزة، ومحاكمة الكيان الصهيوني وقادته كمجرمي حربٍ، وإنصاف الشعب الفلسطيني وتعويضه عما أصابه ولحق به.

عقد شراكة مع مجموعه اي جي اي القابضة ورئيس مجلس ادارتها د. سعد الدين منيمنة  في مؤتمر انعقاد القمة (9)
تكنولوجيا واقتصاد منوعات

عقد شراكة مع مجموعه اي جي اي القابضة ورئيس مجلس ادارتها د. سعد الدين منيمنة في مؤتمر انعقاد القمة (9)

انعقدت القمة التاسعة لمبادرة الحزام والطريق التي استضافتها حكومة منطقة هونغ كونغ الإدارية الخاصة في الفترة من 11 إلى 12 سبتمبر 2024 تحت شعار “بناء حزام وطريق متصل، مبتكر وصديق للبيئة”. شهدت القمة توقيع العديد من الشراكات بين رجال الأعمال من جميع أنحاء العالم، حيث وقع رئيس مجلس إدارة AGI Holding ونائب رئيس غرفة التجارة […]

اقرأ المزيد
بقلم وزير المالية الاردني الأسبق د محمد ابو حمور……
منوعات

بقلم وزير المالية الاردني الأسبق د محمد ابو حمور……

الحكومة المنتظرة ومهماتها الاقتصادية من المتوقع أن يتم الإعلان عن تشكيلة الحكومة المنتظرة خلال أيام، لتباشر بعد ذلك العمل لمواجهة التحديات والصعوبات التي تزخر بها المرحلة الراهنة، بدءً من الحصول على ثقة مجلس النواب الذي يتميز بمشاركة واسعة من الأحزاب ذات التوجهات المختلفة، مروراً بما تفرضه الظروف والملابسات الإقليمية والدولية وانتهاءً بالأوضاع الاقتصادية والاجتماعية المحلية […]

اقرأ المزيد
الدبلوماسي عاطف سندي سفيراً للسلام لدى الأمم المتحدة
منوعات

الدبلوماسي عاطف سندي سفيراً للسلام لدى الأمم المتحدة

اعتماد عاطف سندي دبلوماسيًا سفيرًا دائم للسلام لدى الأمم المتحدة لحقوق الإنسان، باعتماد من لجنة المنظمات الدولية والمعهد الدولي للسلام ، في خطوة تعكس تفانيه في نشر قيم المحبة والسلام على المستويين الداخلي والدولي، بما في ذلك تطبيق القيم المنصوص عليها في ميثاق الأمم المتحدة مثل السلام، العدالة، الإحترام، حقوق الإنسان، التسامح، وجاء ذلك بترشيح […]

اقرأ المزيد