وتناولت دراسة محوراً خاصاً من كتابات الكاتب الأمريكي الشهير مارك توين، حيث تمّ التعريف به، في محاولة للإحاطة ببنيته الذهنية وتوجهاته الفكرية وخبراته العملية، وهي أمور يُفترض في أي عمل دراسي خاص بشخصية مهمة أن يُعنى بها، ثم تحرّي السياق العام لرحلته إلى فلسطين، والتعريف بكتابه الذي تضمن توصيفاً إشكالياً للبلاد. وقد تم التوسع بالمفاهيم والمقولات التي طرحها توين، والتطرق لمظاهر التقدير الصهيوني الكبير له، ومعالجة البُعد الديني اليهودي لسرديته، وتقديم آراء وتقديرات بشأن المسائل التي أثارها.
وأشارت الورقة أن رحلة مارك توين إلى فلسطين تُعدّ حالة استشراقية تطبيقية، لما تنطوي عليه من معايير وسمات تجعلها تندرج ضمن هذا الإطار، سواء من حيث الخصائص الثقافية الغربية أم لجهة الهوية الفردية.
وخلصت الدراسة إلى أن سردية مارك توين حول رحلته إلى فلسطين لم تكن مادة عادية، ليس فقط لكونه أحد أشهر الكتّاب الأمريكان، بل أيضاً بسبب تركيزه على الأرض المقدسة، التي تتمتع بحساسية خصوصاً لدى المسيحيين الأمريكيين، وبسبب تعمّده تضمين كتابه طروحات، تُعَدُّ بالنسبة للفلسطينيين خصوصاً، وللعرب والمسلمين عموماً، بالغة الخطورة، يمكن لخصمهم الصهيوني استغلالها.
اختتمت الدراسة بالتنبيه لضرورة التصدي العلمي والموضوعي لكل الادّعاءات المُغرضة الرامية لتسويق الصور والمفاهيم المتحيّزة، التي تجافي الحقائق وتسخّرها في المشاريع التي تعتدي على مقدرات الأمة، وتناهض حقوقها وتطلعاتها.