ان الضمان الاجتماعي كان ولا يزال يقوم بتغطية الادوية العلاجية لمختلف الامراض، سواء كانت سرطانية او امراض مزمنة او مستعصية وغيرها من العلاجات ومن اهدافه الدائمة الوصول الى التغطية الصحية الشاملة لجميع المضمونين والمستفيدين على عاتقهم (Universal Health Coverage).
وبما ان الموضوع اليوم يتمحور حول السرطان والتطور العلمي الدائم في هذا المجال، وخاصة أمراض سرطان الثدي وغيرها، فإن الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي، وبالرغم من الازمة الاقتصادية غير المسبوقة التي تعاني منها كافة المؤسسات في البلاد، لم يتوقف عن متابعة ادق تفاصيل التطور العلمي لمرض السرطان عالمياً، وذلك من خلال لجانه الطبية والدوائية التي تقوم بدراسة كل ما هو جديد من أدوية للسرطان وتحديد دواعي الاستعمال الطبي للمضمونين ومدى ملاءمتها مع نتائج دراسات الجدوى الاقتصادية لهذه الادوية، وبالتالي اعتمادها في جداول الادوية المدفوعة في الصندوق بنسبة 95% مما يريح المضمون بشكل كبير من الناحية المادية.
وبالتالي، فإن الصندوق في مواكبة دائمة ومستمرة للتطور العلمي في مجال سرطان الثدي وعلاجاته. ونذكر هنا ان معظم هذه الادوية لا تزال مدعومة على سعر صرف (1500 ل.ل.) من قبل وزارة الصحة العامة ، وذلك من خلال آلية معينة تقوم بها الوزارة للحفاظ على دعم سعر الدواء بنسبة 100%.
الا ان المشكلة الحقيقية تكمن في معظم الاحيان بعدم توفر الادوية او انقطاعها في السوق اللبناني لاسباب متعددة، وهذا ما يؤثر سلبا على علاج المرضى.
فقد اصبح هناك شحّ في كميات الادوية التي تدخل السوق اللبناني مقارنة مع السنوات السابقة للازمة والانهيار.
من المعروف ان هذه الادوية والعلاجات هي باهظة الثمن عالميا ، والضمان كان من الدول الرائدة والسباقة في المنطقة، من خلال اطلاق وتبني اسس تقييم التكنولوجيا الصحية (Health Technology Assessment) وذلك بتعاون علمي مشترك وورشة عمل بين جامعة ريدباود في هولندا وقسم الصيدلة في الضمان ، وهو يعتبر انجازاً اصلاحيا سينعكس ايجابيا على ترشيد الفاتورة الصحية والحفاظ على مستوى الخدمات الطبية المقدمة للمريض المضمون.
اما بالنسبة للاستشفاء، فقد عمد الصندوق ، ضمن الامكانيات المادية المتاحة، الى رفع نسبة التغطية للاستشفاء ولكنه من الطبيعي والمنطقي الا تكفي هذه الزيادة لتغطية الفاتورة الاستشفائية المحتسبة على سعر صرف السوق السوداء، لا سيما ان اشتراكات الضمان الاجتماعي لا زالت تجبى بالعملة الوطنية.
وأغتنم هذه المناسبة لأعلن بأن الصندوق سوف يزيد خلال الايام القليلة القادمة تعرفة جلسة غسيل الكلى الى 2.5 مليون ل.ل. وبدل اتعاب الطبيب المعالج الى 500 الف ل.ل. لكي يبقى هذا العمل الطبي مغطى بنسبة 100% من قبل الضمان الاجتماعي.
كما انه وفور صدور مرسوم زيادة الحد الادنى الرسمي للاجور الى 4.5 مليون ل.ل. وزيادة السقف الخاضع للاشتراكات في فرع ضمان المرض والامومة الى 10 ملايين ل.ل. ، فإن الصندوق سيقوم بزيادة اضافية لتعرفات المستشفيات والاطباء كما انه سوف يباشر بزيادة التغطية للادوية العلاجية لبعض الامراض المزمنة: السكري- ارتفاع ضغط الدم- الكولستيرول- تسييل الدم- تضخم البروستات- الخلل في عمل الغدة الدرقية وغيرها من الامراض المزمنة. كما انه سيعاود الانهاء مجددا بالمرسوم الذي انجزه في العام 2014 لرفع مساهمته في تغطية ادوية الامراض السرطانية الى 100%.
وفي الختام ، نذكر ان للصندوق الوطني للضمان الاجتماعي في ذمة الدولة مبالغا تجاوزت الـ5000 مليار ل.ل.، وهي مبالغ متراكمة منذ سنوات، وكلما زادت نسبة التحصيل والملاءة المالية للصندوق زادت قدرته على التغطية الطبية والاستشفائية والدوائية.
اما في ما يتعلق بالحلول المقترحة لتخطي الازمة خلال المرحلة القادمة على المدى القصير ( السنتان القادمتان) ، فإن ادارة الصندوق ترى ضرورة العمل على تفعيل دور مراكز الرعاية الصحية الاولية وتنشيط وتفعيل دور المستشفيات الحكومية وتأمين التمويل اللازم للقطاع الصحي ككل من وزارة الصحة العامة والمؤسسات والصناديق الحكومية الضامنة لمدة سنة او سنتين على الاقل من خلال الهبات او القروض الطويلة الامد او من خلال ما تبقى من اموال حقوق السحب الخاصة التي وصلت الى لبنان او اية طريقة اخرى تراها الحكومة مناسبة بهدف تأمين الاستقرار الصحي في لبنان للسنتين او الثلاثة سنوات القادمة.