وحاولت الدراسة الاستدلال على أن القوة هي القيمة العليا في منظومة القيم الأمريكية. ورأى الباحث أن القوة، بشقيها الخشن والناعم، بالإضافة إلى البراجماتية هما سنام منظومة القيم الأمريكية، وهو ما يستوجب معه الإدراك أن المفاوض أو السياسي الأمريكي يتصرَّف مع الآخرين وهو مسلَّح، في وعيه ولا وعيه، بهاتين القيمتين، ويفهم القيم الأخرى ويخضعها لتأويلات تجعلها متسقةً مع قيمه العليا.
وأشارت الدراسة إلى أن استخدام شعارات الديموقراطية وحقوق الإنسان وغيرها من مفاهيم الدعاية السياسية الأمريكية لا تشكِّل في منظومة القيم الأمريكية وزناً مهماً عند اتخاذ القرار السياسي، بل هي أداة لتمويه وتجميل دوافع استخدام القوة، كما أن توظيف مفاهيم الديموقراطية وحقوق الإنسان تندرج ضمن البراجماتية لإضفاء شرعية على استخدام العنف.
وخلصت الدراسة استناداً إلى مؤشرات متعددة أن السلوك السياسي الأمريكي، خصوصاً مع المنطقة العربية، ليس منفصلاً عن بنية هذه المنظومة القيمية، ودعا الباحث إلى عدم إسقاط منظومتنا القيمية على توقعاتنا للسلوك الأمريكي، وفهم السلوك الأمريكي الظاهر والباطن من خلال حضور القوة والبراجماتية في منظومته المعرفية.
وأوصت الدراسة المفاوض العربي أو الفلسطيني، سواءً كان التفاوض مباشراً أم غير مباشر، أن يدرك أن المفاوض الأمريكي لن يستجيب إلى أي مطلب إلا بمقدار القوة التي تساند ذلك المطلب من ناحية، وإلى غواية الفائدة من هذا المطلب من ناحية ثانية.
كما أوصت الدراسة المفاوض العربي عند تعامله مع المفاوض الأمريكي أن يدرك مقدَّماً أن التفاوض انعكاس دقيق لميدان الصراع، فالخاسر في الميدان هو الخاسر على طاولة المفاوضات، وتغيير النتائج على طاولة المفاوضات يحتاج لتغيير في الميدان.
ودعت الدراسة المفاوض العربي إلى عدم الاستهانة بأي مقوم من مقومات القوة التي لديه، سواء أكانت مقومات اقتصادية أم أهمية جيواستراتيجية أم بشرية أم سوق أم قوى عسكرية…إلخ، وأن يقيم تفاوضه على أساس فن توظيف مقوّمات القوة، بالمنح أو المنع، وليس المحاججة العقلية والنظرية كما لو أن الأمر حوار أكاديمي.