عُقد المؤتمر الثامن لرجال الاعمال والمستثمرين الأردنيين في الخارج، الذي نظمته جمعية رجال الاعمال، بداية هذا الأسبوع على مدى يومين وحظي برعاية ملكية سامية ومشاركة رسمية من الجهات ذات العلاقة، ويكتسب المؤتمر أهمية خاصة في ظل الجهود الإصلاحية الهادفة الى فتح افاق جديدة أمام الاستثمارات لتحقيق أهداف رؤية التحديث الاقتصادي بما فيها رفع معدلات النمو الاقتصادي وتوليد مزيد من فرص العمل وصولا الى تحقيق تنمية اقتصادية تنعكس إيجابا على مستوى حياة المواطنين، هذا بالإضافة الى الجهود المبذولة لتحسين بيئة الاعمال ومنح القطاع الخاص الفرصة لقيادة المسيرة التنموية المستندة الى تواصل فعال وشراكة حقيقية بين القطاعين.
وقد انبثق عن المؤتمر عدة توصيات تساعد في توطين الاستثمار الأردني وتشجع على إعادة توظيف الخبرات والمعارف ورؤوس الأموال داخل الأردن، وتضمنت التوصيات انشاء قاعدة بيانات للمستثمرين الأردنيين في الخارج وصندوق استثماري، وانشاء قرية للمغتربين ضمن أنظمة وحوافز تساعد على إقامة المشاريع الاقتصادية وتبسيط اجراءات انشاء الشركات وتخفيض رسوم التأسيس وغيرها، كما أُعلن عن انشاء منصة استثمارية تتضمن احدى وعشرين فرصة استثمارية بقيمة تعادل حوالي 1.4 مليار دولار.
بدأت فكرة عقد مؤتمر لرجال الاعمال والمستثمرين الأردنيين في الخارج عام 1998 ، أي اننا اليوم على بعد ربع قرن من انعقاد أول مؤتمر لهذه الغاية، لذلك من المفيد أن نعيد تقييم ما تم إنجازه في هذا الاطار وأن نستفيد من التجارب السابقة سعياً لتحقيق أفضل النتائج عبر معالجة الثغرات التي حالت دون تحقيق الأهداف المطلوبة ولم تساعد على تنفيذ التوصيات الصادرة عن المؤتمرات السابقة، ويبدو أن عدم توفر جهة مسؤولة عن متابعة التوصيات والمقترحات هي احدى المعيقات الأساسية التي أصبح بإمكاننا اليوم تجاوزها، فوزارة الاستثمار وبما تمثله من مرجعية موحدة للاستثمارات تستطيع القيام بدور فاعل في هذا المجال خاصة اذا تم التعاون والتنسيق مع مؤسسات القطاع الخاص ذات العلاقة مثل جمعية رجال الاعمال وغرف الصناعة والتجارة.
من المهم أن ندرك بان دور المغترب والمستثمر الأردني في الخارج لا يقتصر على الحوالات الخارجية بالرغم من أهميتها، فالخبرات الوطنية في بلاد المهجر تستطيع أن تؤدي دوراً فاعلاً في النهوض بالاقتصاد الوطني عبر استثمارات نوعية ذات قيمة مضافة عالية وانتاجية مميزة، فمن يستطيع النجاح في بلاد الاغتراب لديه قدرة أكبر على تحقيق إنجازات نوعية داخل وطنه في حال توفرت له الظروف الملائمة وحصل على التعاون المطلوب، ومن الواضح أن تحقيق ذلك أصبح ممكناً في ظل توفر الرغبة والإرادة لتحسين بيئة الاعمال وتجاوز المعيقات البيروقراطية عبر تحديث القطاع العام.
ولعل الخطوة الأولى تكمن في تحديد آليات تواصل فاعلة يتم عبرها بناء قاعدة معلوماتية تتضمن إمكانيات وخبرات المغتربين الأردنيين وإزالة العوائق التي تحول دون الاقدام على الاستثمار داخل المملكة، وغيرها من الخطوات التي تساهم أيضاً في قيامهم بجذب استثمارات إضافية عبر علاقاتهم مع المستثمرين غير الأردنيين، وفي كل الأحوال لا بد من مبادرة الجهات الرسمية لاتخاذ خطوات جدية وفاعلة تبين التطورات الإيجابية التي يتم القيام بها وأثرها الإيجابي على الاستثمار خاصة وانها جزء من مسيرة التحديث والإصلاح التي تتعمق وتتواصل في مختلف المجالات، وقد يكون من المفيد أيضاً تشجيع المغتربين الأردنيين على المشاركة في الحياة السياسية.
نفذ الأردن إصلاحات هامة لتحسين البيئة الاستثمارية الا أن الحاجة لا زالت قائمة لمزيد من الجهود لإنشاء إطار فعال للتنسيق مع القطاع الخاص وللتعريف بما تم إنجازه من إصلاحات مع تكثيف الجهود في مجال الترويج القادر على الوصول للجهات المستهدفة والسير قدماً في تحديث القطاع العام فالطموحات التنموية تحتاج لجهود مكثفة ومخلصة لتحقيقها خاصة في مجال جذب الاستثمارات وتحفيزها، وهذا لا يتحقق الا بتوفر الشروط والمتطلبات اللازمة وهي مهمة ليست سهلة ولكنها ممكنة.